قِف بِالخُضُوعِ وَنَادِ رَبَّكَ يَا هُو * إِنَّ الكَرِيمَ يُجِيبُ مَن نَادَاهُ

وَاطْلُب بِطَاعَتِهِ رِضَاهُ فَلَم يَزَل * بِالجُود يَرضَى طَالِبِينَ رِضَاهُ

وَاسْأَلْهُ مَسْأَلَةً وَفَضْلاً إِنَّهُ * مَبْسُوطَتَانِ لِسَائِلِيهِ يَدَاهُ

وَاقْصُدهُ مُنْقَطِعاً اِلَيْهِ فَكُلُّ مَنْ * يَرْجُوهُ مُنْقَطِعاً اِلَيهِ كَفَاه

شَمِلَت لَطَائِفُهُ الخَلَائِقَ كُلَّهَا * مَا لِلْخَلائِقِ كَافِلٌ إِلَّا هُو

فعَزِيزُهُا وَذَلِيلُهَا وَغَنِيُّها * وَفَقِيرُهَا لَا يَرتَجُونَ سِوَاهُ

مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ المُلوك وَيَلْتَجِى * يَومَ القِيَامَةِ فَقْرُهُم بِغِنَاهُ

هُوَ أَوَّلٌ هُوَ آخِرٌ هُوَ ظَاهِرُ * هُوَ باطِن لَيسَ العُيُونُ تَرَاه

حَجَبَتْهُ أَسْرَارُ الجَلَالِ فَدُونَهُ * تَقِفُ الظُّنُونُ وَتَخْرُسُ الأَفْوَاه

صَمَدٌ بِلَا كُفْءٍ وَلَا كَيْفِيَّةٍ * أَبَداً فَمَا النَّظَرَاءُ وَالاشْبَاهُ

شَهِدَتْ غَرائبُ صُنْعِهِ بِوُجُودِهِ * لَوْلَاهُ مَا شَهِدَت بِهِ لَولَاهُ

وَاِلَيْهِ أَذْعَنَتِ العُقُولُ فَآمَنَتْ * بِالغَيْبِ تُؤْثِرُ حُبَّهَا إِيَّاهُ

سُبحَانَ مَنْ عَنَتِ الوُجُوهُ لِوَجْهِهِ * وَلَهُ سُجُودُ أَوْجُهٍ وَجِبَاهُ

طَوْعاً وَكَرْهاً خَاضِعِينَ لِعِزِّهِ * فَلَهُ عَلَيْهَا الطَّوْعُ وَالاكِرَاهُ

سَلْ عَنْهُ ذَرَّاتِ الوُجُودِ فَإنَّهَا * تَدْعُوهُ مَعْبُوداً لَهَا رَبَّاهُ

مَا كَانَ يُعْبَدُ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ * وَالكُلُّ تَحْتَ القَهْرِ وَهُوَ اِلَهُ

أَبْدَى بِمُحْكَمِ صُنْعِهِ مِنْ نُطْفَةٍ * بَشَراً شَوِيًّا جَلَّ مَنْ سَوَّاهُ

وَبَني السَمَوَاتِ العُلَي وَالعَرشَ * وَالكُرْسِيّ ثُمَّ عَلَى الجَمِيعِ عَلَاهُ

وَدَحَا يَبْسُطُ الأَرْضَ فَرَشًا مُثْبَتاً * بِالرَّاسِيَاتِ وَبِالنَّبَاتِ حَلَاه

تَجْرِي الرِّيَاحُ عَلَى اخْتِلَافِ هُبُوبِهَا * عَنْ إِذْنِهِ وَالفُلْكُ والأَمْوَاهُ

رَبٌ رَحِيمٌ مُشْفِقٌ مُتَعَطِّفٌ * لَا يَنتَهِي بِالحَصْرِ مَا أَعْطَاهُ

كَمْ نِعْمَةٍ أَوْلَى وَكَمْ مِن كُرْبَةٍ * أَجْلَى وَكَم مِنْ مُبْتَلًى عَافَاهُ

فَاذَا بُلِيتَ بِغُرْبَةٍ أَوْ كُرْبَةٍ * فَادْعُ الالَهَ وَقُلْ سَريعاً يَا هُو

لَا مُحْسِنٌ لِظَنِّ الجَمِيلِ بِهِ يَرى * سُوأً وَلا رَاجِيهِ خَابَ رَجَاهُ

وَلِحِلْمِهِ سُبْحَانَهُ يُعْصَى فَلَمْ * يَعْجَلْ عَلَى عَبْدٍ عَصَى مَوْلَاه

يَأتِيهِ مُعْتَذِراً فَيَقْبَلُ عُذْرَهُ * كَرَماً وَيَغْفِرُ عَمْدَهُ وَخَطَاهُ

يَا ذَا الجَلَالِ وَذَا الجَمَال وَذَا الكَرَمِ * يَا مُنْعِماً عَمَّ الأَنَامَ نَدَاهُ

يَا مَنْ هُوَ المَعْرُوفُ بِالمَعْرُوفِ يَا * غَوْثَاهُ يَا رَبَّاهُ يَا مَوْلَاهُ

لِي صَاحِبٌ يَشْكُو الدُّيُونَ فَقَضَهَا * عَنْهُ وِبَلَّغَهُ الَّذِي يَهْوَاه

وَاقْبَل تَوَسُّلَنَا بِفَضْلِ مُحَمَّدٍ * وَبِمَن لَهُ وَجْهٌ لَدَيكَ وِجَاهُ

وَاشْدُد عَرَا عبَد الرَحِيمِ بِرَحْمَةٍ * إِنَّ الحَوَادِثَ قَد قَصَمْنَ عَرَاه

وَأَنِلْهُ مِنْ دُنْيَاهُ كُلَّ كَرَامَةٍ * وَقِمْهُ الَّذِي يَخشَاهُ فِي أُخْرَاهُ

وَأَذِقْهُ بَرْدَ رِضَاكَ عَنْهُ فَلَم يَخِب * مَنْ كَانَ عَيْنُكَ بِالرِّضَا تَرْعَاهُ

وَاقْمَع بِحَوْلِكَ حَاسِدِيهِ وَكُن لَهُ * حَرَماً مِنَ المَكْرُوهِ وَاحْمِ حِمَاهُ

وَاغْفِر ذُنُوبَ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ * وَصَحَابِهِ وَجَمِيعِ مَنْ آخَاهُ

مَالِي إِذَا ضَاقَت وُجُوهَ مَذَاهِبِي * أَحَدٌ أَلُوذُ بِرُكْنِهِ إِلَّا هُو

ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِي تَخُصُّهُ * وَتَعُمُّ بِالخَيْرَاتِ مَنْ وَالَاهُ

مَا صَاحِ فِي عَذْبِ العَذِيبِ مُغْرِدٌ * أَوْ لَاحَ بَرْقُ الابْرَقِينَ سَنَاهُ